دروس باك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نصوص فلسفية حول مفهوم اللغة

اذهب الى الأسفل

نصوص فلسفية حول مفهوم اللغة  Empty نصوص فلسفية حول مفهوم اللغة

مُساهمة  Admin الإثنين فبراير 07, 2011 2:06 pm

***

اللغة أداة اندماج الإنسان في العالم.

“جورج غوسدروف”

لا تشكل اللغة واقعا نموذجيا عن الإنسان المتكلم، فلا هي بالكلمة الربانية ولا هي بالنسق المغلق والكامل أو الآلة الروحانية المنتظمة لحياة الأفراد بما لها من خاصية أنطولوجية. إن الكلام الإنساني لا يكتفي بترديد حقيقة سابقة، ولو كان الأمر كذلك لانتفت من الكلام كل فعالية داخلية. وكل فلسفة لا ترى في الإنسان المقياس، فهي تفصل الكلام إلى لغة خالقة متعالية وأخرى إنسانية مخلوقة، خالية من كل مبادرة ومن كل مواكبة للحياة. ولكن حتى الجمع بين هاتين اللغتين لا يساوي اللغة الإنسانية. لذلك فإنه ينبغي علينا من الآن فصاعدا أن نعتبر الكلام لا نسقا موضوعيا منسوبا إلى ضمير الغائب، وإنما عملا شخصيا. أن يأخذ المرء الكلمة، فذلك من مهامه الرئيسية. ولابد هنا من العودة إلى المعنى الحرفي لهذه العبارة، إذ لا وجود للغة قبل المبادرة الشخصية التي تحركها. أما اللسان الجاري فإنه يوفر فقط إطار يتحقق ضمنه فعل المتكلم. والكلمات ودلالاتها تكون إمكانات على ذمة الإنسان المتكلم تكتمل البتة ولا تتوقف أبدا من الحركة. إن لغة الشخص ليست في تحققها الفعلي مخضعة للمعجم بل إن المعجم هو الذي يتعين عليه أن يتعقب أثر الكلمة الحية وأن يبوب دلالاتها.

وبهذا تظهر لغة حية ما على أنها لغة أناس أحياء (…) إن العنصر الذي قد منه الكلام هو كل مركب يحركه قصد إلى الدلالة(…) وفي حياة الفكر لا يجب أن نعتبر أن الجملة مركبة من ألفاظ، بل الأصح أن نقول إن الألفاظ هي بمثابة خزان الجمل الترسبي حيث تتمظهر إرادات التعبير.

ليس أبلغ من هذا إيضاحا لكون الكلام الإنساني هو فعل على الدوام. فاللغة الأصيلة إنا تتدخل في وضع ما كلحظة من لحظاته أو كرد فعل عليه. ومهمتها حفظ توازن ذلك الوضع أو استعادته، وتأمين اندماج الشخص في العالم، وتحقيق التواصل.

جــورج غوســدورف”الكــــــلام”

***

لما كانت الكلمات جزءا من المخيلة, أي لما كنا ننحت العديد من التصورات وفق ما للكلمات من تركيب مجمل في الذاكرة… فليس من شك في أن هذه الكلمات قد تكون شأنها شأن المخيلة سببا في أخطاء فادحة كثيرة إن لم نحترس منها احتراسا شديدا. زد علي ذلك أنها من تأليف العامة التي اصطلحت عليها وفقا لمنظورها الخاص, و إذاك فهي لا تعدو إلا أن تكون علامات للأشياء على نحو ما تكون عليه هذه الأشياء في المخيلة لا على نحو ما تكون عليه في العقل, وهو ما يبدو جليا في كوننا غالبا ما نطلق على الأشياء التي لا توجد في المخيلة و إنما توجد في العقل فحسب أسماء منفية كقولنا: لاجسماني, لا محدود، و ما إلى ذلك, وأيضا في كوننا نعبر سلبا عن العديد من الأشياء بينما هي في الواقع أشياء إيجابية أو العكس بالعكس كقولنا: غير مخلوق غير تابع، غير محدود، غير فان، ذلك أننا نتخيل بالتأكيد نقائضها بأكثر سهولة، مما يجعل نقائضها هذه ترد هي الأولى على الناس الأولين وتحتكر الأسماء المثبتة. فنحن نثبت أو ننفي العديد من الأشياء لأن طبيعة الكلمات لا طبيعة الأشياء، هي التي تتحمل ذلك، إن جهلنا بهذا الأمر قد يجعلنا ننخدع بسهولة فننظر إلى الباطل على أنه الحق.

سبينوزا: رسالة في إصلاح العقل

***

إن الألسن المختلفة مقارنة ببعضها البعض تظهر أننا لا نصل أبدا بواسطة الكلمات إلى الحقيقة و لا إلى تعبير مطابق: لولا ذلك لما كان هناك ألسنة جد مختلفة.

إن الشيء ” في ذاته” ( ستكون بالضبط هذه هي الحقيقة الخالصة دون نتائج ) حتى بالنسبة لمن يصنع اللسان يتعذر إدراكه و لا يستحق الجهود التي يتطلبها.

إن من يصنع اللسان يشير فقط إلى علاقات الأشياء بالبشر و يستعين للتعبير عنها بأكثر الاستعارات جرأة. تنقل أولا إثارة عصبية إلي صورة. وهذه أول استعارة ، الصورة من جديد تحولت إلى صوت متمفصل وهذه ثاني استعارة و في كل مرة هناك قفزة كاملة من دائرة إلى دائرة أخرى مغايرة كليا و جديدة.

يمكننا أن نتخيل رجلا أصما كليا و لم يكن له قط إحساس بالصوت ولا بالموسيقى: هذا الرجل بنفس اندهاشه لذبذبات رومون شلاندي(1) الصوتية المرسومة في الرمل يجد علتها في ارتعاش الحبال ويقسم بعدها استنادا إلى ذلك أنه لابد يعرف الآن ما يسميه الناس ” صوتا “. هكذا هو الأمر بالنسبة لنا جميعا بخصوص اللغة. إننا نعتقد معرفة شيء ما بخصوص الأشياء ذاتها عندما نتحدث عن أشجار عن ألوان عن ثلج وعن أزهار بينما نحن لا نملك شيئا سوى استعارات عن الأشياء لا تتطابق مطلقا مع الكيانات الأصلية مثل الصوت كرسم على الرمل, إن مجهول ( س) ” الشيء في ذاته ” الغامض مأخوذ مرة كإشارة عصبية ثم كصورة وأخيرا كصوت متمفصل. وفي كل الحالات لا تنبثق ولادة اللغة منطقيا وكل المواد التي داخلها وبواسطتها يشتغل رجل الحقيقة, العالم والفيلسوف, و يبني لاحقا, إن لم تكن متأتية من التحليق في السحب ليست متأتية أيضا في كل الحالات من جوهر الأشياء.

LE LIVRE DU PHILOSOPE 3 P179 Traduction A .K. Marietti , Aubier Flammarion 1969

الهامش: شلاندي فيزيائي ألماني درس الذبذبات الصوتية بواسطة رسومه الرملية

***

ونحن حين نتعلم لغة أجنبية نستطيع أن نخضع أنفسنا لتجربة تشبه تجربة الطفل، ثمة لا يكفينا أن نحرر معجما جديدا أو أن تعرف أنفسنا جهازا مجردا من القواعد النحوية كل ذلك ضروري و لكنه الخطوة الأولى وأقل الخطوتين أهمية وأهم منها أن نتعلم التفكير بالغة الجديدة وإلا بقيت جهودنا عقيمة لا تثمر ولا تكمن الصعوبة في تعلم لغة جديدة بقدر ما تكمن في نسيان لغة قديمة فنحن قد فقدنا الحالة العقلية التي كانت لدى الطفل حين تقدم أول مرة من فكرة العالم الموضوعي أما اليافع فإن العالم الموضوعي لديه شكلا محددا نتيجة لفعالية الكلام وهي فعالية قد شكلت فعالياتنا الأخرى جميعا واتحدت من ثمة مدركاتنا ومحدوساتنا وأفكارنا مع مصطلحات لغتنا الأم وأشكال الكلام فيها وإذا نحتاج جهودا جبارة لكي نحل الرابطة التي تصل بين الكلمات والأشياء ومع ذلك فإن علينا حين نشرع في تعلم لغة جديدة أن نبذل مثل هذه الجهود وأن نفصل بين ذلك العنصرين فإن تغلب المرء علي هذه الصعوبة خطى خطوة هامة في تعلم لغة ما. و حين نتغلغل في روح لغة أجنبية يتراءى لنا دائما أننا ندخل عالما جديدا له مبناه الفكري الخاص به وهذا يشبه رحلة استكشاف في بلاد غريبة أما الكسب العظيم الذي نناله من هذه الرحلة فهو أن ننظر إلى لغتنا الأم في ضوء جديد يقول جوته ” إن من لا يعرف لغات أجنبية لا يعرف شيئا من لغته ”

أرنست كاسيرر: محاولة حول الإنسان
Admin
Admin
Admin

المساهمات : 92
تاريخ التسجيل : 14/12/2010
العمر : 30

https://dorouss.forumarabia.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى